الايقاع هو الهيكل الاساسى الذى ترتب نقراته ترتيبا فنيا ليصبح صالحا لأن تؤلف عليه الالحان ، اى هو الهيكل العظمى الذى يكسى به اللحن الملائم له، فالايقاع هو العنصر الاول فى الموسيقى الذى اعتمد عليه الاوائل ، فكان لابد من من صحة أدائه مع اثبات اسمه على الاصوات التى تغنى دون ذكر المقام فى كثير من الاحيان . ونستشهد فى ذلك بقول اسحق الموصلى " من لحن فهو منا ، ومن حسن أدائه فهو منا ، ومن خرج عن الايقاع ولم يعلم ذلك فيقلع عنه فليس منا " .
وقد يمثل الايقاع وخاصة الايقاع الموسيقى نوعا معينا من التفكير الفنى كنموذج مميز للثقافة الموسيقية ، وهو الى جانب التنظيم النغمى يعكس تلك السمات الفنية والجمالية الكونية والتى تتمثل فى المعايير المكانية والزمانية . فالايقاع عنصر اساسى فى الموسيقى كشكل من اشكال الفن الزمانية ، بل وشرط ضرورى فى وجودها ، ومن خلاله تتحقق عملية حياة الموسيقى استنادا الى التحول من المسلمات اللغوية الرائدة ( الايقاع – الكلمة – النغم – اللهجة ) الى المجال التطبيقى الذى يحدد طبيعة انتشار الموسيقى ودرجة انفعالها النفسى .
وتتمثل عناصر الايقاع الى أربعة عناصر اساسية وهى :
- المسافة : المقياس – الوقت – الميزان .
المسافة : هى القياس من نقطة البداية الى نقطة النهاية .
المقياس : هو تحديد المسافة الواقعة بين نقطة البداية ونقطة النهاية
الزمن : هو الوقت العمل لقياس المسافة .
الميزان : وهو العدل الذى يعدل بين المسافة والمقياس والوقت .
و لتوضيح تلك العناصر مثالا لذلك من خلال الاشكال الموسيقية :
فاذا نظرنا الى تلك النوارات ، واعطينا لكل نوار ثانية ويكون 4 نوار بأربع ثوانى متوالية ، فالبعد بين النوار الاول يساوى البعد مابين النوار الثانى والنوار الثالث والرابع فهذا
البعد يسمى المسافة ، والمقياس يكون الثانية التى حددنا من خلالها المسافة بين كل
نوار والآخر ، أما الزمن وهو الوقت الذى يستغرق فيه الانتقال من النوار الاول الى النوار الثانى ومن النوار الثانى الى النوار الثالث ومن النوار الثالث الى النوار الرابع ، وفى هذه الحالة يبقى لنا الميزان ، وهو انتظام الحركة عند انتقال النوار الاول الى
الثانى ومن الثانى الى الثالث ومن الثالث الى الرابع مثل انتظام حركة عقرب الثوانى عند اللإنتقال من ثانية الى أخرى .
وقد لجأ الانسان الى التدوين ليحافظ على نقل الحضارات من جيل الى آخر ومن قرن الى قرن ومن عصر الى عصر ، وهذا يظهر على معابد قدماء المصرين الذى من خلالها استطعنا التعرف على حضاراتهم فى شتى المجالات ، وعندما عرف الانسان الكتابة ، استطاع ان يدون إكتشافاته وأرائه واستطاع التعامل مع المجتمعات المجاورة له من خلال الرسائل المكتوبة .
والموسيقى لغة ، ولكن اختلافها عن باقى اللغات بأنها لاتحتوى على حروف يتركب منها كلمات تتداول بين الناس ، فهى لغة - العنصر الاساسى فيها هو عنصر الصوت المجرد من الحروف اللغوية ، ولذلك اجتهد الباحثون والمفكرون فى ايجاد حلول لاستمرار الالحان بإستخدام رموز ودلالات شكلية تعبر عن السياق اللحنى ، وفى نفس الوقت نستطيع التعرف على موسيقى كل عصر بسهولة .
و الموسيقى فى كافة صورها تتكون من عنصرين أساسيين هما: الايقاع والنغم،
والنغم عندما يصدر ، فقد يستمر فى زمن من الوقت - لذا أبتكرت اشكالا زمنية تعبر عن امتداد صوت النغمة ، وهذه الاشكال كالآتى:
وقد توجد اشكالية للاحساس
بالزمن الإيقاعى عن أداء زمن الكروش ، وذلك للاحساس بزمن النصف ثانية ، فلابد ان
يقترن معها زمنا مكملا للثانية الواحدة وليكن تكرارها مرتين فى الثانية الواحدة
وفى هذه الحالة تكتب هكذا ، وقد توجد نفس
الاشكالية فى زمن الدوبل كروش لامتدادها ربع ثانية ، فلابد من اقترانها بزمننا
مكملا وليكن تكرارها 4 مرات فى الثانية الواحدة وتكتب هكذا
وفى الموسيقى يوجد ماهو مساوى للصوت فى زمنة وهو الصمت ، ويطلق عليها لفظ السكتات ، فإذا ارنا السكوت مابين صوت وصوت آخر فلابد ان يكون السكوت له زمنه المحدد حتى لا نخرج عن اطار الحركة الزمنية المنتظمة ، و أن لكل شكل زمنى مقابل له شكل السكتة التى تساويه فى الزمن حتى إن وجدت فى الحركة الزمنية المنتظمة تأخذ نفس زمن شكل امتداد الصوت . وهذا مثالا لتوضيح كيفية التعبير عن الاشكال الزمنية وسكاتاتها
فإذا نظرنا الى هذه الأشكال
الزمنية ، وإعتبرنا ان هذه الاشكال جنبا الى جنب تعبر عن مسار لحنى او ايقاعى ، فلننظر الى عقرب الثوانى ونستمد منه انتظام
الحركة – ونجعل هذا الانتظام الحركى بداخلنا ، ثم نطرق على ( منضدة مثلا) ونحاول
ان نؤدى هذه الاشكال ونشعر بأزمنتها مع الحركة الزمنية التى بداخلنا . فالشكل
الاول الروند فيضرب ضربة واحدة مع أول
ثانية ثم نحتفظ بداخلنا بزمن حركة الثلاث ثوانى المتتالية – وبعدها مباشرِةً شكل
البلانش
فيضرب ضربة واحد مع أول
ثانية ثم نترك الثانية التى تليها – ثم نضرب شكل النوار
مع أول ثانية والثانية التى
تليها مع النوار الثانى والثانية التالية مع النوار الثالث – ثم يظهر بعدها شكلا
يعبر عن السكوت ولكن هذا السكون له زمن النوار ، فيتم السكوت بمثابة زمن ثانية
واحدة وهى التى تساوى زمن النوار– وبعد ذلك يظهر زمن الكروشوالذى يأخذ نصف ثانية ولكن
مكملا بزمن يماثله حتى يكتمل زمن الثانية الواحدة – فالثانية الواحدة تأخذ ضربتان متساويتان
- ثم يليها علامة السكوت التى تأخذ زمن النوار وهى بمثابة
ثانية واحدة كما ذكرنا – اما الشكل فأوله سكتة كروش ثم كروش
وذلك ان تعبيرا على أن نصف الثانية سكوت والنصف الاخر تأخذ ضربة – اما شكل الدوبل
كروش
فيأخذ ربع ثانية وللإحساس
بضربته فنستكمل باقى الثانية بتكراره 4 مرات فى الثانية الواحدة ويتم الضرب 4 مرات
متساوية داخل الثانية الواحدة .
ومن المثال السابق حاولنا توضيح تدوين الاشكال الزمنية التى من خلالها يتم التعرف على الزمن الايقاعى وكيفية أدائه ، علما بأنه هو الأصل فى تكوين الألحان – والألحان هى عبارة عن أزمنة ايقاعية معبأة بالنغمات الموسيقية ، ولكن نحن بصدد بحثنا هذا عن الإيقاع فقط .
وبعد ان تعرفنا على الاشكال الزمنية وكيفية أدائها ، يبقى لنا معرفة " الميزان " ، والميزان : هو تعريف للاشكال والقيم الزمنية وهو رقم يوضع فى أول القطعة الموسيقية مكون من عددين إحداهما فوق الاخر ، ويحدد الرقم الاعلى عدد مايحتوى عليه كل قدر – او بيت أو مازورة Mesure من النقرات – أى الوحدات الزمنية الموسيقية . بينما يدل العدد الاسفل على نوع تلك الوحدة بالنسبة للوحدة الزمنية الكاملة " الروند " ونسب هذه القيم الى الروند.
وتوضيحا لما ذكر عن التعريف " بالميزان الموسيقى " فهذا الشكل يعبر عن الصورة النهائية للتدوين الايقاعى او الموسيقى ، فإذا نظرنا لهذا الشكل نجد رقم مكتوبا عبارة عن بسط ومقام ، فالمقام (الرقم المكتوب اسفل (4هو نوع الوحدة الزمنية – وبما ان زمن النوار يمثل الثانية الواحدة فرقم 4 تعنى زمن النوار – أما البسط ( وهو الرقم المكتوب أعلى 4) يعنى عدد الوحدة الزمنية بناءاً عن تقسيم المقطوعة الموسيقية الى خانات تسمى موازير ، وما تحتوى عليه كل خانة من الأشكال الزمنية يحدده الرقم المدون فى بداية المقطوعة الموسيقية – وأيضا نجد ان كل مازورة تساوى الاخرى فى عدد الثوانى او النبضات الزمنية.
وكل ما ذكر عن كيفية تدوين الاشكال الزمنية وارتباطها الارتباط الوثيق بالنبض او الحركة الزمنية المنتظمة ، بالاضافة الى الميزان الذى يحدد بداية كل مازورة كما ذكرنا – سيصبح استيعاب الضروب الايقاعية وما تحويها من أشكال زمنية وميزان يرتب الحركة الزمنية المنتظمة .